الثلاثاء، 12 مايو 2009

2. محطة الطاقة الشمسية الحرارية لتحلية مياه البحر


قبل قراءة هذا الموضوع يجب قراءة مايلي:
أولاً: موضوع هل تمتلك الكويت ثروة غير الثروة النفطية؟

ثانياً: موضوع
محطة الطاقة الشمسية الحرارية لتوليد الكهرباء من الألِف إلى الياء

في هذا الموضوع سوف ألخص بشكل مبسط جداً أشهر طريقتين لتحلية مياه البحر وأكثرها شيوعاً ألا وهما:

1- التقطير الومضي المتعدد المراحل - Multi-Stage Flash Distillation

2- التناضح العكسي -
Reverse Osmosis

أولاً: طريقة التقطير الومضي المتعدد المراحل

إن عملية تقطير الماء المالح هي عملية بدائية و سهلة للغاية فهي ببساطة عملية غلي الماء المالح ومن ثم تكثيف بخاره الذى يصبح بعدها ماء مقطر. فإذا ضخينا ماء البحر بواسطة مضخة إلى سخان كبير ورفعنا درجة الحرارة فإن الماء يبدأ بالتبخر. ثم نأخذ هذا البخار ونمرره في انبوب يمر في وسط ماء البحر البارد نسبياً قبل دخول ماء البحر هذا إلى السخان فإن البخار يتكثف ويتحول إلى ماء مقطر وهكذا تتم عملية التقطير ببساطة.

لزيادة كفاءة وكمية المياه المقطرة استغل العلماء حقيقة علمية أخرى ألا وهي أن درجة غليان الماء تتناسب تناسباً طردياً مع الضغط الواقع على الماء، ويغلي الماء عند درجة 100 مئوية تحت الضغط الجوى العادى و كلما انخفض الضغط انخفضت درجة غليان الماء.

فإذا رجعنا إلى مثالنا السابق وأخذنا ماء البحر المتبقي في السخان ووضعناه في وعاء آخر تحت ضغط منخفض فإن هذا الماء سيغلى تحت ضغط منخفض معين بدون تسخين الماء مرة أخرى وسنحصل على بخار ومن ثم ماء مقطر من هذا الوعاء.

فإذا كررنا هذه العملية من إدخال الماء المالح في أوعية متتالية وجعلنا الضغط في كل وعاء أقل من الضغط في الوعاء السابق بما يكفي لغلي الماء في الوعاء حصلنا على مايسمى
بالتقطير الومضي المتعدد المراحل والرسمة التالية توضح أساسيات هذه الطريقة:


إضغط على الصورة لتكبيرها

لدينا في هذه الصورة عدة خزانات لتقطير ماء البحر موصلة ببعضها البعض على التوالي. يدخل ماء البحر في آخر خزان في آخر مرحلة ومن ثم إلى المرحلة التى قبلها وهكذا حتى يصل ماء البحر إلى مكان إدخال بخار التسخين حيث تتم عملية التبادل الحراري وتسخين ماء البحر إلى حوالى 116 درجة مئوية. يدخل ماء البحر بعد ذلك في خزان المرحلة الأولى ويبدأ تخفيض الضغط حتى يغلي ومن ثم يتصاعد البخارحتى يصل إلى السطح المبرد بواسطة ماء البحر الداخل فيتكثف ويسقط الماء المقطرويتجمع في الوعاء المخصص له. يخرج بعد ذلك ماء البحر من الرحلة الأولى والذي زادت نسبة تركيز الملح به بعد تبخر نسبة منه ويدخل إلى خزان المرحلة الثانية حيث ينخفض الضغط فيه أكثر بواسطة عملية شفط الهواء مما يؤدى إلى غليان الماء وتبخره وصعود البخار إلى الأعلى حيث يتكثف ويتحول إلى ماء مقطرفي عملية مكررة في كل حيث يكون الضغط في كل مرحلة أقل من التى قبلهاحتى يخرج في النهاية محلول ملحي عالي نسبة التركيز لايمكن معالجته أكثر.

في محطات تحلية مياه البحر عندنا في الكويت والتى تعمل على
طريقة التقطير الومضي المتعدد المراحل يتم خلط ناتج الماء المقطر مع مياه الآبار قليلة الملوحة لإنتاج مياه عذبة صالحة للشرب.

إذن يتبين لنا مما سبق أن
طريقة التقطير الومضي المتعدد المراحل تحتاج إلى شيئين مهمين لكي تعمل ألا وهما الطاقة الحرارية اللازمة لإنتاج بخار التسخين وتحتاج أيضاً إلى الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل مضخات المياه وأجهزة التحكم وكل المعدات اللازمة لخلط ومعالجة المياه

لنرجع الآن إلى رسمة محطة الطاقة الشمسية الحرارية مع محطة تحلية مياه البحر الموجودة في الموضوع السابق "هل تمتلك الكويت ثروة غير الثروة النفطية؟" لنرى كيف يمكن لهذه المحطة الكهربائية الشمسية تحلية مياه البحر كناتج ثانوي

إضغط على الرسمة لتكبيرها

الرسمة أعلاه تبين طريقة عمل محطة الطاقة الشمسية أثناء النهار حيث تعكس مرايا الحقل الشمسي أشعة الشمس على البرج الثابت ومن ثم تتم عملية تحويل الماء إلى بخار محمص وكذلك يتم تسخين الملح المذاب وتخزينه لاستعمال حرارته فيما بعد.
بعد ذلك يندفع البخار المحمص إلى المولد التوربيني ويتسبب في دورانه مما يولد الكهرباء. بعدها يخرج البخار من التوربينة حيث يدخل في المبادل الحراري لمحطة التقطير مما يرفع درجة حرارة ماء البحر وفي نفس الوقت يتكثف البخار ويعاد تدويره ليسخن مرة أخرى ويتجه إلى التوربينة وهكذا. بعد رفع درجة حرارة ماء البحر تبدأ محطة تحلية الماء عملها بطريقة التقطير الومضي المتعدد المراحل والتى سبق شرحها.


إضغط على الرسمة لتكبيرها

الرسمة أعلاه تبين عملية تشغيل المحطة الشمسية الحرارية أثناء الليل والاستعاضة عن حرارة الشمس بالحرارة المخزنة في الملح المذاب والذي يعمل على تحويل الماء إلى بخار ومن ثم تحميصه بواسطة خزانات الملح المذاب الموجودة في أعلى الصورة. وتتم باقي عمليات المحطة من إنتاج الكهرباء وتقطير مياه البحر كما ذكرنا سابقاً.


إضغط على الرسمة لتكبيرها

الرسمة أعلاه تبين طريقة عملية تشغيل المحطة الشمسية الحرارية في حالة رداءة الطقس مثل وجود غيوم أوعواصف أوغبار فيتم في مثل هذه الحالات استخدام وقود ثانوي مثل الغاز أو مشتقات النفط أو الهيدروجين وذلك لتشغيل المحطة بالكامل حتى تتحسن الظروف الجوية

تبين لنا الآن إمكانية تصميم محطة الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء والماء تعمل على مدار 24 ساعة في اليوم و 365 يوماً في السنة

والآن لنشرح الطريقة الثانية لتحلية ماء البحر

ثانياً: طريقة التناضح العكسي


إضغط على الرسمة لتكبيرها

إن نظرية التناضح العكسي سهلة جداً للفهم والتطبيق العملي فلو نظرنا إلى الجهة اليسرى من الرسمة أعلاه نجد خزانين متجاورين ويوجد بينهما غشاء شبه نفاذ به مسامات صغيرة جداً تسمح بمرور جزيئات الماء النقي وتمنع مرور الأملاح بنسبة تصل لأكثر من 99% وكذلك تمنع الملوثات والشوائب وحتى الجراثيم والبكتيريا.

ففي الجهة اليسرى من الرسمة أعلاه نجد أن أحد الخزانين به ماء البحر المالح والثاني به ماء عذب نقي، فإذا ترك الخزانين تحت ضغط متساوى بينهما وليكن الضغط الجوي العادي تبدأ عملية التناضح الطبيعية بعبور الماء عبر الغشاء من الجهة الأقل ملوحة إلى الجهة الأكثر ملوحة ونرى ذلك بوضوح في ارتفاع مستوى الماء في خزان الماء المالح وهذا بسبب عبور الماء العذب لجهة الماء المالح.

والآن نأتي إلى الجزء المهم من هذه العملية، فبالنظر إلى الجهة اليمنى من الرسمة أعلاه، نجد أنه لو قمنا بوضع ضغط عالي على ماء البحر المالح نجد أن اتجاه مرور الماء ينعكس و يحدث من جهة ماء البحر المالح إلى جهة الماء العذب بعد أن تخلص من الأملاح والأوساخ وأصبح ماءً عذباً نقياً.

وبهذه الطريقة يمكننا الحصول على كميات ضخمة من المياه العذبة من ماء البحر ولا نحتاج إلى تسخين الماء وغليه كما هو الحال في طريقة التقطير الومضي المتعدد المراحل و إنما نحتاج فقط إلى الكهرباء فقط لتشغيل مضخات الضغط العالي وأجهزة التحكم الأخرى. والكهرباء تأتي من المحطة الشمسية الحرارية كما ذكرت سابقاً

هذا شرح مبسط يبين كيفية استغلال الطاقة الشمسية في تحلية ماء البحر و بالنظر إلي صورة الأقمار الصناعية لمحطة الصبية الموجودة في موضوع "هل تمتلك الكويت ثروة غير الثروة النفطية؟" نجد أنه يمكننا كمثال استغلال هذه الأفكار بنجاح في محطة الصبية في الكويت.