السبت، 2 يناير 2010

3. كيفية مساهمة محطة الطاقة الشمسية الحرارية في إنتاج المحاصيل الزراعية

الأمن الغذائي

إن من أهم مقومات الدولة الحديثة "الأمن الغذائي" سواءاً كان من الثروة الحيوانية أو الزراعية، ولا يختلف اثنان على أهميتهما ومدى ارتباطهما ببعضهما البعض وكذلك ارتباطهما معاً بالبيئة.

وأنا هنا لن أتطرق في موضوع الزراعة أو تربية الثروة الحيوانية فهذا ليس من إختصاصي وهناك أناس مختصون بهما من الإخوة الأفاضل الذين لديهم الكثير من البحوث والدراسات القيمة المنشورة في الإنترنت. إنما أريد فقط تبيان كيفية مساهمة الطاقة الشمسية في الزراعة وتربية الثروة الحيوانية.

بالنظر إلى واقع الحال نجد أننا في الكويت لا نملك من الأمن الغذائي إلا الشيئ اليسير فهل هذا يعني بأننا لا نملك مقومات ذلك؟ سوف نرى

سأبدأ أولاً في الزراعة. ماهي معوقات الزراعة عندنا؟

أستطيع أن ألخص هذه المعوقات كما يلي:

  1. المناخ الصحراوي الحار
  2. صغر المساحة الممكن استغلالها زراعياً ورداءة تربتها الرملية
  3. ندرة وشحة المياه


سأبدأ أولاً بمشكلة المناخ الصحراوي الحار:

لقد استطاع العلم الحديث إيجاد الحلول الواعدة لمشكلة المناخ، وأهم هذه الحلول هي الزراعة المحمية بواسطة البيوت المحمية (البلاستيكية حالياً ومن الممكن من مواد أخرى مستبقلاً). وأذكر هنا وصفاً مختصراً جيداً وجدته في كثير من المواقع العربية المهتمة بالزراعة وهو مطابق للوصف في المواقع الأجنبية:


الزراعة المحمية:

هي طريقة حديثة لزراعة المحاصيل من خضروات وأزهار ونباتات داخلية وشتلات مبكرة للزراعات الحقلية في الأنفاق البلاستيكية والبيوت المحمية ذات المناخ الداخلي الخاضع للسيطرة والتحكم باستخدام أجهزة التبريد – التدفئة التهوية وذلك لضمان الحرارة والرطوبة المناسبتان وكذلك حماية النباتات من الرياح والعواصف الرملية والأمطار .

مميزات وإنشاء البيت المحمي:

  • إنتاج محاصيل الخضروات في غير مواسمها العادية على مدار العام .
  • إنتاج شتلات مبكرة للزراعات الحقلية .
  • زيادة الإنتاج مع زيادة كثافة النباتات .
  • إنتاج ثمار ذات مواصفات تسويقية عالية.
  • تقليل الاستهلاك في كميات مياه الري المستخدمة وتنظيم عملية الري. · التحكم بدرجات الحرارة من خلال عملية التدفئة والتبريد وحماية المزروعات من خطر الصقيع.
  • السيطرة على الآفات الزراعية مقارنةً بالزراعة المكشوفة والسيطرة على الأعشاب يدوياً أو كيميائياً.
  • إنتاج الكثير من الأزهار والنباتات الداخلية على مدار العام.
  • التوفير في الأيدي العاملة اللازمة للإنتاج .


نرى مما ذكر أعلاه إمكانية التغلب على مشكلة المناخ الصحراوي الحار بواسطة البيوت المحمية ولكن بمساعدة أجهزة التحكم بدرجات الحرارة والتي تعمل بالطاقة الكهربائية الممكن توفيرها من محطات الطاقة الشمسية كما ذكرت في مقالاتي السابقة في هذا الموقع.


لننظر الآن إلى صورة ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية لمدينة الميريا الأسبانية فإذا دققنا في هذه الصورة نجدها مغطاة بكثير من البقع البيضاء فماهي هذه البقع؟


مدينة الميريا الأسبانية

(إضغط على الصورة لتكبيرها)



لننظر الآن إلى صورة مقربة لهذه المدينة ونعرف ماهية هذه البقع

(إضغط على الصورة لتكبيرها)

في هذه الصورة نجد أن البقع البيضاء ماهي إلا مئات من البيوت المحمية البلاستيكية في أكبر تجمع لهذه البيوت في العالم.

لننتقل الآن إلى المشكلة الثانية وهي صغر المساحة الممكن استغلالها زراعياً ورداءة تربتها الرملية:

وأيضاً استطاع العلم الحديث إيجاد الحلول لهذه المشكلة وكان الحل متمثلاً في الزراعة بدون تربة ولقد أعجبني كثيراً إبداعات العلماء في هذا المجال وبالذات العلماء السنغافوريين كما سنشاهد لاحقاً في مقطع الفيديو المرفق.

وأذكر الآن تعريفاً للزراعة بدون تربة مقتبساً من موسوعة ويكيبيديا:


الزراعة بدون تربة:

الزراعة بدون تربة أو هيدروبونيكس ( Hydroponics) هي مجموعة نظم
لإنتاج المحاصيل بواسطة محاليل معدنية مغذية فقط عوضاً عن التربة التي تحتوى على سلت و طين.

يمكن تنمية النباتات الأرضية وجذورها منغمسة في محلول معدنى مغذى فقط أو في وسط خامل مثل البرليت، الفيرموكيوليت، أو الصوف المعدنى، ويوجد العديد من تقنيات الزراعة بدون تربة.

اهتم العلماء بالزراعة بدون تربة بعد ظهور الكثير من المشاكل المتعلقة بالتربة من أمراض،أعشاب ،وزيادة الملوحة ،وغيرها الكثير، فبدأ الباحثون في قطاع العلوم الزراعية البحث عن حلول بديلة عن استخدام التربة كوسط لتربية النبات ،فقاموا بأجراء الأبحاث المختلفة على عدد من المواد التي يمكن أن تكون بديلة مثل البيتموس، البيرليت ،الصوف الصخري والحجر البركاني المتواجد في مناطق عدة من الدول العربية مثل المدينة المنورة(السعودية)،شمال شرق الأردن،غرب العراق وغيرها، والذي يعتبر الأقل كلفة والأسهل أستعمالا. وتتميز هذه الطريقة في الزراعة على بعدة فوائد أهمها:

  • إمكانية الزراعة في أي مكان بغض النظر عن طبيعة التربة الموجودة في المنطقة المنوي الزراعة بها .
  • التوفير في استخدام الماء والأسمدة لعدم وجود ماء فاقد في التربة، حيث يتم أعادة استخدام وتدوير الماء والأسمدة الزائدة عن حاجة النبات.
  • التقليل من أسيخدام المبيدات وخاصة المستخدمة لمكافحة الأفات التي تستوطن التربة (حشرات، فطريات،نيماتوداوالأعشاب).
  • الحصول على أعلى أنتاجية ممكنة من النبات.

أكتشف باحثوا فسيولوجيا النبات أثناء القرن الثامن عشر أن النباتات تمتص المغذيات المعدنية الأساسية في صورة أيونات لاعضوية ذائبة في الماء. تعمل التربة في الظروف الطبيعية كمستودع للمغذيات المعدنية ، ولكن التربة نفسها غير ضرورية لنمو النبات. تستطيع جذور النباتات أن تمتص المغذيات المعدنية الموجودة في التربة عندما تضاف مياه تقوم باذابتها ، ولذلك لاتكون التربة هامة لنجاح نمو النبات اذا تمت إضافة هذه المغذيات إلى المياه التي يحتاجها النبات بطريقة اصطناعية. جميع النباتات تقريباً تنجح زراعتها بدون تربة ، الا أنه يوجد بعض النباتات التي يكون نجاحها أكثر من البقية.


لنرى الآن مقطع فيديو من قناة ديسكفري عن الزراعة بدون تربة في سنغافورة:




مايهمني في هذا المقطع هو إبداع العالم السنغافوري الأول في مجال الزراعة بدون تربة وبطريقة مشتقة من ال Hydroponics حيث أن جذور النباتات لا تكون مغموسة في محلول مائي مغذي بل تكون معلقة في الهواء وتتم تغذيتها بمرشات ماء دوارة وتسمى هذه الطريقة بال Aeroponics

وتوفر هذه الطريقة حوالي 90% من كمية المياه المستهلكة (وهذا ما نحتاجه في بلادنا الصحراوية) ولكن هناك مشكلة في هذه الطريقة حيث أنها تحتاج إلى تبريد البيوت المحمية وهنا يأتي دور العالم السنغافوري الثاني الذي استخدم الهواء لنقل رذاذ الماء إلى جذور النباتات محافظاً بذلك على معدل درجة حرارة منخفض داخل محيط الجذور، وتسمى هذه الطريقة بال dynaponics


الزراعة بدون تربة في البيوت المحمية

الجدول التالي يبين إنتاجية الزراعة بدون تربة بالفدان الواحد مقارنةً بالزراعة التقليدية:

(إضغط على الصورة لتكبيرها)
محاذاة إلى الوسط
نرى في هذا الجدول مثلاً يصل إنتاج البطاط في الفدان الواحد بواسطة الزراعة التقليدية خلال سنة 18 ألف رطل بينما يصل إلى 156 ألف رطل بواسطة الزراعة بدون تربة. وكذلك الطماطم من 22 ألف إلى 400 ألف رطل سنوياً.

تبقى لدينا الآن المشكلة الأخيرة ألا وهي:

ندرة وشحة المياه:

أعيد ذكر معلومة مهمة ذكرتها أعلاه وهي إن الزراعة بدون تربة مع ري الجذور بواسطة رذاذ المحلول المائي توفر تقريباً 90% من كمية الماء وهذا بحد ذاته توفير كبيرفي الإستهلاك. ومن المعلوم أيضاً أن المحاصيل الزراعية عندنا تعتمد على المياه الجوفية في الري. ولكن هل يمكن إيجاد مصدر مائي آخر يغطي الإحتياجات الزراعية الحالية والمستقبلية؟

سوف نرى

الفيديو التالي، والذى أعتبره قمة في الإبداع، يبين كيفية استغلال الطاقة الشمسية في عملية تقطير ماء البحر بواسطة وعاء بلاستيكي صغير يكفي للإحتياج الفردي:





لقد اقتبست فكرة هذا الجهاز ورسمتها على مقياس أكبر بكثير فنتج معي الآتي:

(إضغط على الصورة لتكبيرها)
محاذاة إلى الوسط
هذا تصميم مبدئي، استلهمته من الفيديو أعلاه، لقناة اسمنتية أو معدنية تشبه وعاء مستطيل مطلي باللون الأسود من الداخل لكي يساعد في عملية التبخير. يغطي هذا الوعاء أو القناة غطاء بلاستيكي شفاف. طول هذه القناة يعتمد على أطول غطاء بلاستيكي يمكن صنعه مع إمكانية صيانته بسهولة. يوجد على جانبي القناة الكبيرة قناتان لتجميع المياه المكثفة المقطرة ومن ثم تصريفها إلى المزروعات.
يضخ ماء البحر في هذه القناة إلى مستوى معين ومن ثم تبدأ عملية التبخير بواسطة أشعة الشمس مشابهة تماماً للطريقة المذكورة في الفيديو أعلاه. في الرسمة التالية مددت قنوات لري المزروعات في البيوت المحمية على جانبي قناة التكثيف الرئيسية:

(إضغط على الصورة لتكبيرها)
محاذاة إلى الوسط

في الرسمة أعلاه نجد قناة تكثيف ماء البحرالرئيسية يتفرع منها قنوات مياه مكثفة لري المزروعات في البيوت المحمية البلاستيكية، وكذلك إمكانية ربط هذه القنوات مع قنوات وبيوت محمية بلاستيكية أخرى لتشكيل شبكة زراعية كبرى يمكن التحكم بها عن طريق كمبيوتر مركزي لضبط عملية التكثيف والري ودرجات الحرارة في البيوت المحمية.

إذن يمكننا أن نلخص هذا الموضوع بأنه يمكن إنتاج محاصيل زراعية متنوعة وبكميات كبيرة وبأقل مساحة ممكنة وبدون الحاجة إلى تربة. وكذلك يمكن دراسة إمكانية استخدام مياء البحر للري عن طريق تكثيفه بالطاقة الشمسية. وأود أن أذكر هنا أنه يمكننا أيضا" زراعة الأعلاف الزراعية لتربية الماشية في المساحات الفارغة بين المرايا العاكسة في الحقول الشمسية لمحطات الطاقة الشمسية الحرارية كما ذكرت سابقاً في موضوعي الأول "هل تمتلك الكويت ثروة غير الثروة النفطية؟"