الاثنين، 11 أكتوبر 2010

الطاقة الشمسية ... أفكار وحلول أخرى غير تقليدية 1


في هذا الموضوع سوف أقدم شرح مبسط قدر المستطاع عن الطرق التقليدية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ومن ثم أنتقل إلى طرق أخرى غير تقليدية.

أولا" : الطرق التقليدية وتنقسم هذه الطرق إلى قسمان: القسم الأول هو التحويل المباشر للطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية كما هو الحال في الخلايا الكهروضوئية الموجودة في الألواح الشمسية، والقسم الثاني هو تحويل الطاقة الشمسية الحرارية إلى طاقة حركية ومن ثم إلى طاقة كهربائية كما هو الحال في محطات الطاقة الشمسية الحرارية والتى سبق أن شرحتها في مواضيعي السابقة.

القسم الأول: التحويل المباشر للطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية بواسطة استخدام الألواح الشمسية







صورة 1


الصورة أعلاه تبين كيفية توصيل لوح شمسي واحد مع الأجهزة الإلكترونية اللازمة لتوليد كهرباء يمكن استخدامها في بعض الأجهزة المنزلية الكهربائية. يتم أولاً تثبيت اللوح ناحية الشمس بزاوية معينة حيث يتم تحويل أشعة الشمس الساقطة عليه إلى طاقة كهربائية من نوع التيار الثابت. بعد ذلك يتم توصيل اللوح إلى شاحن كهربائي (Charge Controller ) لتنظيم عملية شحن البطارية الشمسية والتى تحل محل اللوح الشمسي في الليل (وليست بطارية عادية أو بطارية سيارة) وإذا أردنا استخدام هذه الطاقة في الأدوات المنزلية أو في أماكن العمل فيجب تحويلها إلى تيار متغير عبر استخدام جهاز إلكتروني يسمى إنفيرتر (inverter) وهو ببساطة عاكس كهربائي لتحويل التيار الثابت المنتج من اللوح الشمسي إلى تيار متغير كما هو موجود في المنزل.


إن الطريقة المذكورة أعلاه بسيطة جداً و يقتصر استخدامها لتوصيل لوح واحد أو عدد بسيط من الألواح الشمسية. ولكن الحال ليس كذلك عند توصيل عدد كبير من الألواح لتوليد طاقة كهربائية عالية فالمسألة أعقد من ذلك بكثير.

لفهم كيفية توصيل عدد كبير من الألواح الشمسية يجب أولاً فهم معنى التوصيل بالتوالي والتوصيل بالتوازي ومزايا كل منهما. وأود هنا أن أشرح ذلك عن طريق ضرب أمثلة على أشياء مشابهة. لنأخذ أولاً مثال السلسلة كما هو مبين في الصورة التالية:







صورة 2


هذه السلسلة مكونة من عدة حلقات موصلة بالتوالي أي أن كل حلقة موصلة بأخرى وإذا أردنا أن نقيس قوة وصلابة هذه السلسلة فإنها نفس قوة وصلابة أي حلقة من حلقاتها لأن كل حلقة مصنوعة من نفس المواد وبنفس الحجم. فإذا كانت السلسلة تتحمل رفع 50 كيلوجرام مثلاً فإن كل حلقة فيها تتحمل 50 كيلوجرام أيضاً. ولكن لو فرضنا إحدى هذه الحلقات تالفة في جزء منها كما هو موضح في الصورة التالية:



صورة 3



فهل يمكننا القول بأن هذه السلسلة مازالت تتحمل رفع 50 كيلوجرام؟ كلا لا يمكننا وذلك لأن إحدى حلقاتها لا تتحمل هذا الثقل. فلو كانت هذه الحلقة التالفة تتحمل 25 كيلوجرام فقط أي 50% من قوتها قبل التلف على سبيل المثال فإن ذلك سيؤدى إلى تخفيض قوة السلسلة بالكامل إلى 25 كيلو جرام بالرغم من أن باقي الحلقات يتحملون ثقل 50 كيلوجرام. وإذا كانت هذه الحلقة تالفة كلياً فأنها تؤثر على باقي السلسلة بالكامل وتصبح تالفة أيضاً.

ولكن للنظر الآن إلى المثال التالي:



صورة 4



لو فرضنا أن كل حلقة من حلقات هاتان السلسلتان تتحمل 25 كيلوجراماً فذلك يعني أن كل سلسلة تتحمل 25 كيلوجرام لوحدها. ولكن لو استخدمنا هاتان السلسلتان معاً بالتوازي فأننا سنستطيع رفع 50 كيلوجراماً. ولو فرضنا أن حلقة واحدة من إحدى السلسلتان تلفت بنسبة 50% فإن قدرتها على الرفع تنخفض من 25 كيلوجرام إلى 12.5 كيلوجرام أي بمقدار النصف. وتصبح قدرة هذه السلسلة ذات الحلقة التالفة 12.5 كيلوجرام. ولو استخدمنا السلسلة ذات الحلقة التالفة مع السلسلة السليمة معاً بالتوازي للرفع فإن قدرتهما معاً تصبح 25+12.5 أي ما يساوي 37.5 كيلوجرام.


فلو قارنا هذان المثالان نجد أن استخدام سلسلتان معاً بالتوازي يعطي نتيجة أفضل من استخدام سلسلة واحدة ذات حلقات موصلة بالتوالي. وأود أن أعطي مثال أخير على طريقة التوازي فبالنظر إلى الصورة التالية:




صورة 5




نجد أن هذا الحبل مكون من عدة خيوط ضعيفة متوازية مما يعطيه قوة كبيرة حتى لو تقطع بعض من هذه الخيوط الضعيفة.

بعد هذا الشرح عن التوصيل بالتوالي والتوازي لنعد الآن إلى الألواح الشمسية وطرق توصيلها. إن الطريقة التقليدية لتوصيل الألواح الشمسية هي التوصيل بالتوالي وذلك لأسباب عديدة. وقبل أن أذكر هذه الأسباب أود أن أعطي نبذة بسيطة عن مكونات اللوح الشمسي:


صورة 6


كما نرى من الصورة أعلاه أن الخلية الشمسية (solar cell) هي الأساس وتعطي الخلية الشمسية حوالي 0.5 فولت عند سقوط أشعة الشمس عليها. ويتم توصيل عدة خلايا بالتوالي وتجميعهم في لوح شمسي (module) وذلك لرفع الفولت الخارج من اللوح الشمسي إلى مابين 17 إلى 30 فولت للوح الواحد. بعد ذلك يتم تجميع عدة ألواح شمسية (Array) ويتم توصيلهم بالتوالي لرفع قيمة الفولت إلى مابين 150 إلى 800 فولت وكذلك توصيلهم بالتوازي لرفع قيمة الأمبير حتى يتم التطابق مع المواصفات الفنية لعاكس الكهرباء المركزي (central inverter) الذي يحول الكهرباء المنتجة من الألواح الشمسية الثابتة إلى الكهرباء العادية المتغيرة.

الصورة التالية تبين مبادئ الطريقة التقليدية لتوصيل الألواح الشمسية:



صورة 7



في هذه الطريقة يتم توصيل الألواح بالتوالي و ذلك لرفع قيمة الفولت الخارج من هذه الألواح إلى مستوى يتطابق مع المواصفات الفنية لعاكس الكهرباء المركزي. في هذه الصورة نرى 6 ألواح شمسية موصلة مع بعضها البعض بالتوالي ويكون مجموع الفولت الكلي Vt=V1+V2+V3+V4+V5+V6 بعد ذلك يقوم عاكس الكهرباء المركزي بوظيفتان رئيسيتان وهما:


1-تحويل الفولت الكلي Vt الخارج من الألواح الشمسية من ثابت إلى متغير (DC to AC inversion)





2-تتبع واستخراج القوة الكهربائية القصوى من مجموع الألواح الشمسية (Maximum Power Point Tracking MPPT) ويعني هذا أن عاكس الكهرباء كما هو موصل في الصورة أعلاه يقوم بحساب الكمية القصوى للطاقة الممكن تحويلها من المجموع الكلي للألواح الشمسية الموصلة بالتوالي وهذه الألواح أصلاً تحوي خلايا شمسية موصلة بالتوالي. حتى تتم عملية استخراج الطاقة القصوى يجب أن تكون كل الألواح الشمسية متتطابقة تماماً في المواصفات الفنية وهذا يعني من نفس المصنع ومن نفس تكنولوجيا الصنع، مثل تطابق حلقات السلسلة في المثال الذى سبق ذكره، أي أنه إذا كانت هذه الألواح مثلاً مصنعة بتكنولوجيا سنة 2005 فيجب أن يستبدل أي منها لأي سبب أو عطل في العشرين سنة القادمة (العمر الإفتراضي للألواح الشمسية) بنفس تكنولوجيا سنة 2005 وهذا يعني عدم القدرة على خلط وتوصيل ألواح شمسية مختلفة أو حتى ألواح متطابقة ولكن مثبتة بزاوية مختلفة ناحية الشمس فهذا لا يصلح أيضاً. يجب أن يكون كل شئ متطابق.





وهذا ليس العيب الوحيد في طريقة التوصيل هذه. فلو تعرض لوح شمسي إلى غبار أو أوساخ (وسخ طيور مثلاً) أو كان عليه ظل شجرة أوغيوم أي شئ آخر أو حتى الكسر فإن ذلك يؤدى إلى إنخفاض كبير في قدرة اللوح الكهربائية. والسبب الرئيسي في ذلك يعود أساساً إلى طريقة التوصيل بالتوالي كما هو الحال تماماً في مثال السلسلة ذات الحلقة التالفة (صورة 3) المذكور أعلاه. والجدير بالذكر هنا أنه لو غطى ظل 10% من مساحة اللوح الشمسي فإنه من الممكن أن تنخفض قدرة اللوح الكهربائية بمقدار 50%.




إذن يكون الفولت Vt في الصورة رقم 7 أعلاه حساس جداً لأي من العيوب المذكورة وهذا قد يؤدى إلى إنخفاض كبير في القدرة الكهربائية لشبكة الألواح هذه وقد يؤدى إلى انقطاعها إذا قل Vt عن مستوى الفولت اللازم لتشغيل عاكس الكهرباء حتى لو كانت معظم باقي الألواح سليمة.





هذه العيوب أدت إلى اختراع جهاز عاكس الكهرباء المحلي أو ما يسمى بالمايكرو إنفيرتر (Micro Inverter). هذا الجهاز عبارة عن نموذج مصغر لعاكس الكهرباء الرئيسي وقد صنع منه نوعان. النوع الأول تيار ثابت إلى تيار ثابت (DC to AC) والنوع الثاني تيار ثابت إلى تيار متغير (DC to AC).



بالنسبة إلى النوع الأول وهو تيار ثابت إلى تيار ثابت فيوجد منه نوعان أيضاً. نوع يوصل بالتوالي ونوع يوصل بالتوازي. لشرح نوع عاكس التيار المحلي الذى يوصل بالتوالي رسمت طريقة توصيله بالصورة رقم 8 التالية:








صورة 8




في هذه الصورة يتم توصيل عاكس كهرباء محلي (MIdc) مع كل لوح شمسي ويتم تركيبه عادةً خلف اللوح مباشرة. يقوم كل عاكس محلي بحساب واستخراج القدرة القصوى من اللوح الموصل به كلٍ على حدة. ولو سقط ظلال أو غبار أو أي من العيوب السابق ذكرها فإن العاكس المحلي يقوم بزيادة الفولت وتقليل الأمبير من اللوح المتضرر بنسبة وتناسب مما يؤدي إلى استخراج أكبر قدر من الطاقة الكهربائية من هذا اللوح وكذلك المحافظة على قيمة الفولت الخارج من اللوح الشمسي حتى لا يتوقف عاكس الكهرباء الرئيسي عن العمل ويستمر تدفق الكهرباء. هذا يعني أنه يمكننا أن نوصل ألواح شمسية مختلفة و بتوزيعات وزوايا مختلفة والحصول على أقصى قدر ممكن من الطاقة من هذه الألواح.


فبالنسبة إلى طريقة التوصيل في الصورة رقم 8 تكون قيمة الفولت Vdc الخارج من العاكس المحلي مابين 30 إلى 35 فولت ويكون مجموعهم هو Vtotal ويكون ثابت تقريباً لتأمين تشغيل متواصل لعاكس الكهرباء الرئيسي.


أما النوع الثاني من عاكس الكهرباء المحلي (تيار ثابت إلى تيار ثابت) فهو النوع الذي يتم توصيله بالتوازي كما في الصورة رقم 9 التالية:





صورة 9


في هذه الطريقة يتم تركيب عاكس كهرباء محلي MIac خلف كل لوح شمسي أيضاً ولكن الإختلاف هنا يكون في أن الفولت الخارج من كل عاكس محلي موصل مباشرة بعاكس الكهرباء الرئيسي وهذا يتطلب أن يكون الفولت الخارج من كل عاكس محلي متطابق مع القيمة المطلوبة لفولت العاكس الرئيسي وفي هذه الطريقة يكون الفولت الخارج من هذا النوع من العواكس المحلية مابين 250 إلى 350 فولت. وفوائد هذه الطريقة هي تقريباً نفس الفوائد المذكورة سابقاً للصورة رقم 8.

وأخيراً سوف أشرح النوع الأخير من أنواع عاكس الكهرباء المحلي ألا وهو عاكس التيار الثابت إلى التيار المتغير كما في الصورة رقم 10 التالية:



صورة 10


في هذه الطريقة يتم توصيل عواكس الكهرباء المحلية بالتوازي بنفس الطريقة المذكورة في الصورة رقم 9 ولكن الفرق هنا أن مخرج هذه العواكس هو كهرباء التيار المتغير وهي نفس كهرباء المنازل ويكون التوصيل مباشرة للأحمال الكهربائية فإذن لا داعي هنا لاستخدام عاكس كهرباء رئيسي كما هو الحال في الطرق السابقة بينما نحصل على نفس الفوائد تقريباً.

يتبع...