الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

الطاقة الشمسية ... أفكار وحلول أخرى غير تقليدية 2



إن ما ذكرته في الموضوع السابق "الطاقة الشمسية ... أفكار وحلول أخرى غير تقليدية 1" والذي شرحت فيه الألواح الشمسية وطرق توصيلها يعتبر جزء من عملية تطبيق استخدام الطاقة الشمسية وفي ظل كفاءة و مستوى هذه التكنولوجيا في وقتنا الحالي فإني لا أرى أن تلعب هذه التكنولوجيا الدور الرئيسي كبديل كامل للطاقات الأخرى الغير متجددة والغير نظيفة والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم وجود وسيلة فعالة لتخزين هذه الطاقة أثناء الليل وأثناء سوء الأحوال الجوية. نعم يمكن تخزينها في بطاريات ولكن ليس بمقياس كبير كتخزين طاقة لمدينة كاملة. ونعم يمكن استخدامها في النهار للمشاركة في تلبية الأحمال الكهربائية التى تزداد في النهارولكن ليس على مستوى استراتيجية بلد.

أود هنا في هذا الجزء الثاني من الموضوع أن أبين عدة نقاط مهمة على مستوى التخطيط الإستراتيجي للدولة ألا وهي:

- إن النفط كمصدر للطاقة هو السبب الرئيسي في القفزات للهائلة للحضارة الإنسانية الحالية منذ بدايات القرن الماضي وهو المحرك الرئيسي للإقتصاد العالمي. إذن لابد أن تكون الطاقة البديلة قادرة على تحقيق ذلك و بقدرة أكبر وبدون تلوث.
- إن الإحتياطي العالمي للنفط سيتدرج في النقصان و حتى لو ظل احتياطي الشرق الأوسط على ما هو عليه الآن أو حتى إذا زاد إنتاج منطقتنا إلى الضعفين فإن الوقت سيأتى عندما لا يمكننا تزويد العالم بكامل احتياجاته المتزايدة مع حالة النقصان المتدرج للإحتياطي العالمي. يجب علينا إذاً معرفة الوقت المتوقع لحدوث ذلك حتى نكون مستعدين وجاهزين.
- إن الطاقة هي أساس اقتصاد الدول ويجب أن تكون متوفرة 24 ساعة في اليوم 7 أيام في الأسبوع 365 يوم في السنة. ويجب أن يكون عندنا احتياطي من الطاقة الكهربائية يعادل على الأقل ضعفي مستوى الإستهلاك الحالي وذلك لتغطية المشاريع الحيوية للدولة حتى 30 سنة قادمة.
- إن معظم استهلاك الكهرباء الحالي يذهب إلى الإحتياجات المنزلية وليس للمجال الصناعي المنتج والداعم لإقتصاد البلد. لذا يجب أن نعكس هذا الوضع.
- يجب أن تكون تكلفة انتاج الطاقة ذات جدوى اقتصادية وأن نعمل على تقليل كلفة انتاج هذه الطاقة حتى يمكننا المنافسة في الإقتصاد العالمي.

قبل البدء في شرح الجزء الثاني من هذا الموضوع أود أن أشرح ما يسمى بالأعمدة الثلاثة اللازمة لإنتاج الكهرباء. هناك ثلاث مكونات فيزيائية:


صورة (1)






في الصورة رقم (1) أعلاه نرى 3 مكونات رئيسية متعلقة ببعضها البعض بطريقة أنه إذا توفر منهم أثنان يمكن إنتاج الثالث من هذين الإثنين. فمثلاً إذا توفر لدينا مغناطيس و كهرباء فيمكن أن نولد حركة كما هو الحال في الموتور الكهربائي. وأيضاً إذا توفر لدينا مغناطيس وحركة فيمكننا توليد الكهرباء منهما كما هو الحال في المولد الكهربائي والحركة هي الجزء المهم في هذا الموضوع.



المغناطيسية موجودة في الطبيعة ويمكن توليدها بسهولة جداً فإذن لا توجد إشكالية في المغناطيسية في عملية توليد الكهرباء. الإشكالية تقع في الحركة، وهي أهم جزء في عملية توليد الكهرباء.







صورة (2)




فلو نظرنا إلى الصورة (2) أعلاه نرى رسمة مبسطة لمولد كهربائي. فإذا أمسكنا بالمقبض وأدرناه فسيتولد تيار كهربائي كما هو موضح بالصورة. وستكون قوة هذا التيار الكهربائي متناسبة تناسب طردي مع قوة اليد الممسكة بالمقبض أي كلما كانت يدنا أقوى في عملية التدوير كلما كانت القدرة والقوة الكهربائية الناتجة أقوى. ببساطة يمكننا القول بأننا نحتاج إلى عضلات قوية لإنتاج قدرة كهربائية قوية.



كيف نحصل على عضلات ذات قوة هائلة لإنتاج إحتياجاتنا من الطاقة؟


الجواب هو أن قوة الحركة يمكن استخلاصها من الطبيعة بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
فمن أشكال قوة الحركة المباشرة الموجودة في الطبيعة قوة الرياح

صورة رقم (3)





في الصورة رقم (3) أعلاه نلاحظ أن القوة المحركة هي الرياح ويجب أن تكون سرعة الرياح كافية لتوليد الطاقة الكهربائية من هذه التوربينات الهوائية. فتعمل الرياح على تدوير مروحة التوربينة الهوائية والتى بدورها تعمل على تدوير المولد الكهربائي الموجود داخل التوربينة. أيضاً يمكن الحصول على خرائط وبيانات معدل سرعة الرياح للأماكن التى يمكن استغلالها لإنتاج الطاقة من الرياح في العالم.






صورة رقم (4)





الصورة رقم (4) أعلاه تبين معدل سرعة الرياح في العالم ولكي تكون طاقة الرياح مجدية اقتصادياً يجب أن يكون معدل سرعة الرياح 7 متر/ث على الأقل وهذا مالا نجده في منطقتنا.
شكل آخر من أشكال قوة الحركة المباشرة الموجودة في الطبيعة هي قوة الأنهار والشلالات وهي قوة هائلة.








صورة رقم (5)

في الصورة أعلاه نرى شلالات نياجرا و توجد محطة لتوليد الكهرباء تقع على بعد 5 أميال قبل الشلالات وتولد طاقة كهربائية بسعة 2.5 جيجا وات. الصورة رقم (6) التالية تبين كيفية عمل محطة الطاقة الكهرومائية:


صورة رقم (6)

في الصورة أعلاه نلاحظ أن محطات الطاقة الكهرومائية تقام عند سدود الأنهار وذلك لاستغلال قوة اندفاع المياه المخزنة خلف السد وتساندها قوة الجاذبية. ونلاحظ كذلك أن مياه خزان السد تدخل في مدخل المياه ثم في قنوات التدفق حتى تصل إلى غرفة التوربينة المائية وتعمل على تدوير التوربينة التى تحرك المولد الكهربائي حركة دائرية فتنتج عن ذلك الكهرباء. وتعتمد قوة الكهرباء المنتجة على الأرتفاع الرأسي لمياه خزان السد وكذلك كمية وحجم المياه المتدفقة في قنوات التدفق.



صورة رقم (7)





في الصورة رقم (7) أعلاه نرى أكبر محطة كهرومائية في العالم وتقع في الصين واسمها ثري جورجس وتبلغ طاقتها 22.5 جيجا وات أي مايقارب ضعفي إنتاج الكويت الكهربائي الكلي.

لا أريد أن أتشعب أكثر في مجال طاقتي الرياح والكهرومائية لأن طاقة الرياح عندنا ذات استخدام محدود جداً أما الطاقة الكهرومائية فهي غير موجودة في دولة الكويت.
سأنتقل الآن إلى مصادر قوة الحركة الموجودة في الطبيعة بشكل غير مباشر. المصدر الرئيسى والمستخدم في جميع أنحاء العالم هو الطاقة البخارية. تعتبر الطاقة البخارية من أقوى الطاقات الغير مباشرة الممكن تحويلها إلى طاقة حركية. الصورة رقم (8) التالية تبين بشكل مبسط طريقة عمل محطة توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الفحم حيث يتم حرق الفحم في الغلاية ويدخل الماء إليها في أنابيب ثم يتحول إلى بخار بسبب الحرارة الناتجة عن عملية الحرق. ثم يندفع البخار بقوة ويتجه إلى التوربينة ويعمل على تدويرها وهي بدورها تتسبب في تحريك المولد الكهربائي حركة دائرية مما يؤدى إلى إنتاج الطاقة الكهربائية. محطات الطاقة الأخرى اللاتى يعملن بواسطة أنواع أخرى من الوقود مثل مشتقات النفط والغاز كلها تحتوي على نفس المعدات مثل التوربينة البخارية و المولد الكهربائي والأجهزة المساندة الأخرى ويكون الإختلاف فقط في الغلاية وفي نوع الوقود المحروق. وأيضاً محطة الطاقة النووية تحتوي على نفس المعدات والأجهزة و تعمل بنفس النظام وتختلف فقط في الغلاية. فبدلاً من الغلاية فإنها تحتوي على مفاعل يعمل بالوقود النووي. في داخل المفاعل يوجد القلب والذي يحتوي على الوقود النووى مثل اليورانيوم المخصب. لتشغيل المفاعل تحدث عملية إنشطار ذري لليورانيوم مما ينتج عنها حرارة هائلة تسخن الماء داخل المفاعل وتحوله إلى بخار يذهب إلى المبادل الحرارى الذي بدوره يحول الماء الذاهب إلى التوربينة إلى بخار. والهدف من المبادل الحراري هو عزل ماء المفاعل الذي قد يكون ملوثاً إشاعياً عن بخار الماء الذاهب إلى التوربينة. الصورة رقم (9) تبين طريقة عمل محطة الطاقة النووية وهي مماثلة تماماً لمحطات الطاقة الأخرى ومختلفة فقط في وجود المفاعل الذري الذى يحل محل الغلاية.

صورة رقم (8)




صورة رقم (9)

وأيضاً محطات الطاقة الشمسية لاتختلف عن هذه المحطات المذكورة أعلاه فهي تحتوي على نفس المعدات والأجهزة ولكن بدلاً من الغلاية والمفاعل الذري فإنها تحتوي على المرايا العاكسة ووقودها طبعاً هو أشعة الشمس.

الفيديو التالي يبين عظمة الطاقة الشمسية ويفتح الخيال إلى مشاريع جبارة لاستغلالها ولن أعلق على هذا الفيديو الآن ولكن سأناقشه في موضوعي القادم وهو الجزء الثالث والذى يحتاج إلى الشرح والمقارنات المذكورة في هذا الموضوع للتمهيد إلى شرح مشروع الطاقة الشمسية الكبير.


يتبع..